خواطر حول المجتمع التونسي ج 1

[Fitouri Driss]

خواطر حول المجتمع التونسي
إن الأوساط البرجوازية التونسية قطنت منذ الحماية المدن الكبرى في الشمال واستحوذت عن الأراضي الخصبة عن طريقة الأشياع وهيمنت على ألتجاره واختصت وحدها بجمع الأموال والغناء وقد أعانها على ذلك يهود تونس وسياسة البايات... ثم كانت ولا تزال تفرض نفسها في الأوساط الحاكمة في البلاد فاحتلت بطبيعة تلك الأحوال مناصب الوزارة والوظائف العالية في الاداره
هذه الأوساط إلى الآن غنية بميراثها لكنها تفتقر إلى الثقافة والمستوى العلمي وتعوزها التجربة العملية لانطوائيتها و لعدم احتكاكها بادرات أجنبية ذات مستوى ولا يميزها سوى الحنكة التجارية القديمة والخبث والدهاء وحبك المؤامرات... ومن جراء ذلك ظلت هذه حالة الاداره التونسية منذ قرون ولا زالت حتى الآن. من موظفيها من" المسامر المصدده" من تعدى سن التقاعد وهم في حالة الإضافة الخاصة المعمول بها منذ عهد البايات أو ممن تلقوا التكوين السريع وهو برنامج "من طينك ملس طاجينك" أقامه الوزير السابق أحمد بن صالح في عهد بورقيبة لفائدة الموالين للنظام والمخلصين للحزب ليسد به الفراغ وكان الغلط بعينه والحل كان التعاون الفني. تصوروا مديرين عامين لا يتعدى المستوى العلمي عندهم شهادة الأهلية الزيتونية وتصوروا خبراء عدليين لدى المحاكم لا يحملون أية شهادات علمية في اختصاصهم ولا في غير ذلك... فكيف سيكون المردود والمردوديه ؟
هذه الأوساط مع الأسف كونت أيضا رؤوس الأموال التونسية واحتكرت التشغيل لاستغلال الشباب العاطل استغلالا فاحشا ضاربة بقوانين الشغل عرض الحائط أضف أنها لا تخضع للأ داء الجبائي لأنها من الموالين...فباتت المسؤوليات من اختصاص أقاربهم ولو كانوا من الأميين...
وقد نجى نسبيا أولائك الذين انصهروا في الشركات الفرنسية التي تكونت آذاك
ولا غرابة في ذلك إذا نظرنا في تاريخنا المجيد... فنجد من الموالي والخدم الفرس عند الأمويين من كان جنرالا للجيش أو وزيرا للدولة وكذلك عند العباسيين الذين نسجوا على نفس المنوال فرفعوا الخدم والموالي الأتراك إلى مناصب الولاية والوزارة ...انظر أيضا تاريخ المماليك...
وقد انهزمت هذه الطبقة أيام الرئيس بورقيبة ولكنه سرعان ما ميل الكفة نحوها ولا تخلو هذه الطبقة من الغباء والبساطة وهو ما مكن بن علي من تبوء المنصب الأول في صحنها اكثر من أربع وعشرين سنه...